من نحن

قُراءَنَا وضيُوفَنَا الأَعِزاءَ مَرْحَبًا بِكمْ بِلاَ حُدودٍ.

« شُعْلَةُ التَّنْوِيرِ» فَضاءٌ ثقافيٌّ وُلِدَ منْ رَغبةٍ صادقةٍ في إِعادةِ الاعتبارِ للكلمةِ الحُرَّةِ وللفكرِ العَميقِ ولِلجَمالِ الذي يَنطوِي عليهِ الإبداعُ الإنسانيُّ مُنذُ الأَزَلِ.

مِنبَرٌ مُنْفَتِحٌ مُترفِّعٌ عَنْ كُلِّ أَشْكَالِ الحساسِياتِ المَذهبيةِ والايديولوجيةِ والعِرقيَّةِ لأنَّهُ يَتَوجَّهُ إلى الإنسانِ حَيْثُمَا وُجِدَ، ولِأَنُّ هَدفَهُ نَشْرُ المَعرفَةِ وإِحْيَاءُ الحِوَارِ الفِكري والأدبي والفنِّي، و بِنَاءُ جُسُورِ التَّواصُلِ بَينَ المُبدِعِينَ والقُرَّاءِ الباحِثِينَ عنْ مُختلَفِ أَشْكالِ الإبداعِ.

في شُعلةِ التَّنوِيرِ نُؤْمِنُ بِأنَّ للكلمةِ قُدرَةً سِحريَّةً على تَغيِيرِ الوَاقعِ القَائِمِ وبِناءِ وَاقِعٍ مُمْكِنٍ مُشْرِقٍ. وأنَّ الفَنَّ قادِرٌ على السُّمُوِّ بِالنَّفْسِ الإنسانيةِ إلى أعلى مَرَاتِبِ الجَمالِ، وأنَّ الإبداعَ بِشَكْلٍ عَامٍّ، سَواءً أَكَانَ شِعْرًا أمْ سَرْدًا أو كانَ فِكْرًا خَالِصًا أوْ فنًّا يَظَلُّ أَقْوَى الأَدَواتِ التي اسْتَعْمَلَهَا الإنْسانُ مِنْ أجْلِ تَجَاوُزِ وَاقِعِهِ والرُّقِيِّ بِمَكانَتِهِ ضِمْنَ كَوْنِ المَخْلُوقَاِت .

والجديرُ بالذِّكْرِ أنَّ التَّنْوِيرَ ليَسَ وَلِيدَ اليَومِ ولكنَّهُ مَوجُودٌ في كُلِّ العُصُورِ وفِي كُلِّ الحَضَارَاتِ، مُنْذُ اَقْدَمِ العُصُورِ. بِفَضْلِهِ خَرَجَ الإِنْسَانُ منْ عُصُورِ الظَّلَامِ، وَخرَجَ مِنَ مَرْحَلَةِ التَّوَحُّشِ إلى عَصْرِ الحضَارَةِ، ومِنَ الانْتِماءِ الضَّيِّقِ إلى العِرْقِ وَالقَبِيلَةِ والوَطَنِيَّةِ الضَّيِّقَةِ إلى رِحَابِ الإنْسانِيَّةِ الكَوْنِيَّةِ.

وفي هذا لإِطارِ، لا بُدَّ أنْ نَسْتَحْضِرَ جُهُودَ رُوَّادِ عُصُورِ التنويرِ الغَربيِّينَ وما قَدَّمُوهُ منْ خدماتٍ جَلِيلَةٍ لِلفكْرِ الإنساني.

ولا يَفُوتُنَا أنْ نُذَكِّرَ بِفَخْرٍ واعْتِزَازٍ رُوادَ النَّهضَةِ العَربيَّةِ الحَديثَةِ، التي انْطَلَقْت شَرَارَتُهَا في عَهْدِ محمد علي الكبير،  وأن نَسْتَحضِرَ كذلك الأدْوَارَ الطَّلائِعِيَّةَ التي لَعِبَتْهَا كَوْكَبَةٌ منَ النَّهضَوِيِّينَ العَرَبِ تُراثِيِّينَ كانُوا أمْ حَدَاثِيِّينَ.

لقد كانَ القَاسَمُ المُشتَرَكُ بَينَهُمْ جَميعًا، رَغْمَ اخْتِلَافِ انْتِمَاءَاتِهِم الايدْيُولوجِيَّةِ، وتَنَوُّعِ مَشَارِبِهِم المَعرفيَّةِ، هوَ الرُّقِيُّ بِالفِكْرِ والإِنْسَانِ العَرَبِيَّيْنِ، والخُرُوجُ بِالأُمَّةِ العَربيةِ منْ حَضِيضِ الانْحِطَاطِ بِكُلِّ أَشْكَالِهِ وَألوَانِهِ إلى آفَاقِ التَّقَدُّمِ والنَّهْضَةِ بِكُلِّ مَفَاهِمِهَا.

منْ هذا المُنْطَلَقِ يُمْكِنُ القَوْلُ إِنَّ هَدَفَنَا الرَّئِيسِيُّ منْ تَأْسِيسِ هذا المَوْقِعِ هوَ مُواصَلَةُ حَمْلِ ذلك المِشْعَلِ التَّنْوِيريِ الذي حَمَلَهُ أولئكَ الرُّوَّادُ التَّنْوِيرْيُّونَ وطَافُوا بِهِ في سَاحَةِ النَّهضَةِ العربية الحَدِيثَةِ، والذي لا زَالَ أحْفَادُهُمْ يَطُوفُونَ بِهِ في جَمِيعِ الأَقْطَارِ العَرَبِيَّةِ رَغْمَ قِلَّتِهِمْ، ورَغْمَ العَرَاقِيلِ التي تَقِفُ فِي طَرِيقِهِمْ.

 أَجَلْ إنَّهُ لَحَقٌّ عَلَيْنَا أنْ نَحْمِلَ مِشْعَلَ التَّنْوِيرِ مِنْ جَدِيٍد، وأنْ نُوَاصِلَ السَّيْرَ على نُورِهِ، مُقتفِينَ أثرَ أولئك الرُّوَّادِ العِظامِ في الغَرْبِ والشَّرْقِ مَعًا، وأنْ نُواصِلَ رَشَّ البَعْثِ في بِقاعِ الثقافةِ العَربيةِ الحَدِيثَةِ وَضَخَّ الإِحْيَاءِ والصَّحْوِ في الرُّوحِ العَربيةِ المُعاصِرَةِ، وزَرْعَ بُذُورَ النُّورِ في البِلادِ العَربيةِ. عَسَى أنْ تُزْهِرَا غَدًا خَيْرًا وَنَمَاءً.

المَعْرِفَةُ لَيْسَتْ تَرَفًا زَائِدًا، ولكنَّهَا خَيْرُ وَسِيلَةٍ لِبِنَاءِ الإنْسَانِ. وَسِلاَحٌ لِمُحَارَبَةِ الجَهْلِ باعتباره عَدُوًّا الأَوْطَانِ، وأفضلُ آلِيَّةٍ لِتَخْلِيصِ العَقْلِ مِنْ قُيُودِ الخُرَافَةِ، وكَسْحِ الظَّلاَمِ عَنْ فَضَاءَاتِ الوَقَائِعِ وَالأذْهَانِ.